علاوة على ذلك أفادتها التسهيلات التي وفرتها الجهات الرسمية للمنتج
الأجنبى، وجاءت على نحو غير مسبوق إقليمياً وعالمياً، فالأفلام التاريخية
والحربية الضخمة - وغيرها من الأنواع الفيلمية - أتيح لها استخدام القوات
الرسمية للدولة بما فيها القوات المسلحة والطيران والبحرية والدرك والأمن
الوطني، مع تسهيلات في إجراءات الاستيراد المؤقت للأسلحة والذخيرة الضرورية
لتصوير الأفلام، وأسعار رمزية للتصوير بالفضاءات والآثار التاريخية،
وتخفيضات من طرف الخطوط الجوية المغربية لنقل النجوم والطواقم الفنية
والمعدات، مع إعفاءات من الضريبة على القيمة المضافة على جميع الممتلكات،
وكذا الخدمات، التي تتم على أرض المغرب، كل هذا يرافقه إشراف فني وإداري
مدرب لتسهيل الإجراءات الإدارية - والاتصال بالمصالح والسلطات المعنية
بالتصوير.
لقد وجدت أكبر شركات الإنتاج الأمريكية والعالمية في ورزازات، وفي
المغرب عموماً المكان الأمثل الذي يعكس بشكل كبير أجواء الشرق الأوسط، التي
اتخذتها صناعة السينما العالمية محوراً للأفلام التاريخية والدينية وأفلام
الحركة والتجسس ومحاربة الإرهاب، وحسب تقرير الأورميد البصري السمعي
الثاني 2007 بلغ عام 1999 الذروة في غزارة الأعمال السينمائية ( 36 فيلماً طويلاً، 120 فيلماً قصيراً، 70 فقرة إعلانية ). وفي أعقاب هجمات 11 سبتمبر 2001 تضاءل الإنتاج فترة ليعاود بعد ذلك صعوده بشكل ملموس.
ولكن الإشكال الرئيسي الذي يطرح نفسه عند تقييم تلك التجربة هو
الخلط الكبير بين ما يحققه هذا التصوير من مردود مادي من جهة، ومردود أدبي
ومعنوي من جهة أخرى. فالأول مطلوب ولا يمكن إنكار إيجابياته, والجهات
المسئولة عنه عليها تقديم كل التسهيلات التي تؤدي إلى تنمية بعد أن حقق
أكثر من 200 مليون دولار في العام، وأتاح لبعض الفنانين المغاربة خبرات
سينمائية متنوعة ومتطورة نتيجة مشاركتهم الطواقم الأجنبية في إدارة الإنتاج
ومساعدة الإخراج والديكور والمكياج والصوت والورش الفنية، بالإضافة إلى
التمثيل في أدوار ثانوية ورئيسية.. إلخ، أما الثاني فسيضع أمامنا كثيراً من
التساؤلات حول دور تلك الأفلام في مساندة حوار الحضارات والثقافات، حيث
إنها أكثر تأثيراً - بالتأكيد- من كل الفعاليات الثقافية والمهرجانات
الفنية التي تحتضنها المغرب خاصة بعد أن أصبحت الأراضي المغربية بديلا
لمناطق عربية أخرى مثل: مصر، السودان، اليمن، ليبيا، العراق، السعودية،
لبنان، الصومال، الأردن، فلسطين.. إلخ، مما جعل العالم العربي كله يختزل في
مواقع معينة من بلد عربي واحد!
ربما يرى البعض أن الواقع يفرض على المنتج السينمائي العالمي عندما
يندفع لتصوير فيلمه في موقع عربي ما، أن يبحث فقط عن سبل تتيح له تخفيض
تكاليف الإنتاج، والبعد عن المعوقات الإنتاجية والفنية والرقابية
والاضطرابات السياسية والعسكرية والقائمة في بلدان عربية دون أخرى, وأخيراً
اقتناعه بأن الأراضي العربية بمن عليها من بشر وتضاريس ماهي إلا «مواد
أولية»، يمكن أن تستغل من السينمائي القادر على تصنيعها وتحويلها إلى سلعة
رائجة، لذلك فإن اشتراط صاحب الأرض في كيفية استغلالها لن يغير من قدرة
المنتج الأجنبي على استبدالها بغيرها في سوق شاسعة لا تشهد ندرة في مناطق
أخرى يمكن أن تكون بديلا لها. ومن هنا يصبح الاستسلام للموضوعات التي
يطرحها في أفلامه منطقياً مادام المردود المادي فيه بعض التعويض! وهو ما
نلمسه في تصريح للمسئول عن تصوير الأفلام الأجنبية في المغرب، أورده الكاتب
المغربي جمال الخنوسي عن جريدة «وول ستريت جورنال» وفيه يؤكد أن تصوير
الأحداث العربية وخاصة أحداث العراق -على الأراضي المغربية «ليس قراراً
سياسياً متعمداً، إنه بيزنس فقط».
الأمر حين ينظر إليه على هذا النحو يقلل من وعينا بقيمة وأهمية
الإيحاء بمصداقية مايتم تصويره على الأراضي العربية، سواء كان صادقاً أم
زائفاً، في ظل اقتناع السينمائي الأجنبي بدور المكان في تقديم مقارنات بين
قيم الشعوب على المستوى الحضارى, في إطار أجواء عربية يساعد على تجسيدها
ممثلون وكومبارس عرب، تصاحبهم لهجاتهم العربية ويظللهم خليط من الموسيقى
الشرقية والضجيج، مع عنصر مشترك لا يمكن التنازل عنه وهو «صوت الآذان»، هنا
يصبح الإصرار على اختيار «مكان عربي» - أيا كانت مطابقته للواقع - له
أهميته، خاصة إذا كانت معالجة الأحداث داخل هذا المكان تتسم في أغلب
الأحيان بأحادية المنظور والرغبة في تصيّد الأخطاء أو اختلاقها بعيداً عن
أي منطق لحوار الحضارات والثقافات!
وبالرغم من تنوع الأفلام العالمية التي يتم تصويرها على الأراضي المغربية، فإن مايهمنا الإشارة إليه هو الأفلام التي تعاملت مع قضايا الشرق الأوسط السياسية والعسكرية والأفلام الدينية والتاريخية، وأخيراً الأفلام التي اتخذت من الصحراء العربية مسرحاً رئيسياً لها.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire