و تعد أجواء الصحراء عنصرا رئيسيا في الأفلام الأجنبية التي صوّرت على
الأراضي المغربية، وحين نرصد أهمها سيبرز فيلم المخرج الإنجليزي ديفيد لين
«لورنس العرب»1961، فهو النموذج الأمثل لهذه النوعية، وفيه تتراءى مشاهد
الصحراء من منظور لا يعتمد على التحايل والبدائل إلا في أضيق الحدود،
فالمشاهد الرئيسية تم تصويرها عند جبل طبيق بالأردن، وهي منطقة تبعد عن
أقرب واحة بحوالي 150 ميلا، بينما استكملت المشاهد الأقل في صحراء ورزازات
بالمغرب، ومع ذلك يتحد الفيلم مع غيره من هذه النوعية، سواء في منظوره
الاجتماعي أو السياسي، فهو بشكل أو بآخر يجسد مأساة الوجود في ظل أقسى
الظروف المناخية بين شخصيات غربية ورجال من البدو تتباين مشاربهم، ولكن
جميعهم لم يبق لهم سوى وعي محموم بتبادل الأنات والصيحات والعنف في ظل
صراعات قبلية لا نهاية لها الصحراء في «لورنس العرب» تتعادل مع آراء الضابط
الإنجليزى لورنس أحد المحبين الإنجليز للصحراء العربية كما يدعى الفيلم
مثل «دوتي ستنهوب», «جوردون»، وبالرغم من أنه يرى فيها «محيطاً لا يشق له
مجذاف يذهب فيه البدو أين يشاءون ويهاجمون مايشاءون، وهكذا حاربوا دوما
وبهذا عرفهم العالم», فإنه ينجح في أن يحقق في هذه الصحراء ماكان يرعب
البدو عند مجرد التفكير فيه، وهو العبور من الجزيرة العربية إلى العقبة عبر
صحراء «النفوذ»، التي يصفها زعماء البدو أنفسهم بأنها أسوأ مكان على وجه
الأرض»!
وتكتسب الصحراء في فيلم «طيران العنقاء»، بعداً أكثر التفافاً،
فالعنقاء كما يذكر الفيلم كان طيراً خرافياً احترق ثم انبعث من بين الرماد،
وهو ما يرمز إلى الوضع الأمريكي والأوربي بعد الحرب العالمية الثانية، وفي
الوقت نفسه يتشابه مع ماحدث لطائرة إحدى الشركات الأجنبية العاملة في
استخراج البترول بليبيا، فبعد أن تسقط بركابها من الأمريكيين والأوربيين
فوق جبل هاروج بالقرب من بنغازي، ينجح مهندس ألماني شاب في تصنيع طائرة
جديدة من حطامها ولكن بعد أن يتعرض العديد من ركابها للموت، سواء بالذبح
على يد أفراد بعض القبائل العربية أو من قسوة الصحراء، وهي قسوة لا تقتصر
على الصحراء إنما تمتد إلى المدن. فالدولة الليبية تذيع برنامجاً يتحدث عن
الحفاظ على الماء، وعن خطة خماسية للري، الأمر الذي يثير سخرية ركاب
الطائرة: «لا فائدة من ذلك، ما تحتاج إليه هذه البلاد هو المزيد من
الحانات»، مما يعني أن الإنسان لا يستطيع العيش في هذه البلاد إلا إذا كان
فاقداً للوعي!
والمخرج الإيطالي بريناردو بيرتولوتشي يصوّر بطنجة بعض أحداث فيلمه
الشهير «شاي في الصحراء» المستوحى من رواية بول بولز «السماء الواقية»
وفيها سنجد الصحراء العربية كما يقول الكاتب محمد عبيدو - مساحة واسعة
فادحة مرهقة للروح وللأعصاب، وفيها أشخاص يندلعون من حين لآخر كحرائق لم
تذق قط طعم الماء، والذباب.. ذباب كثيف لا يبرره شيء في الرواية والفيلم
غير العنف، ذباب احتاج برتولوتشي إلى استيراده من إيطاليا إمعاناً في
الطنين، ولذلك فهو ليس كذباب المنطقة الذي يعرفه أهل المنطقة جيداً، والذي
بالرغم من الإزعاج الذي قد يسبّبه لهم مقترناً بالخير وبموسم جني التمور.
ومابين المغرب وولايات كاليفورنيا ومونتانا وداكوتا تم تصوير فيلم
«هيدالجو»، وفيه يدعو زعيم إحدى القبائل العربية في نهاية القرن التاسع عشر
الأمريكي هوبكنز ومعه فرسه هيدالجو الذي ينحدر من أصول إسبانية - مكسيكية
للمشاركة في سباق عبر الصحراء العربية تبلغ مسافتة 2000 كيلو متر، وبالرغم
من الانتصارات التي حققها الرجل من قبل في عشرات السباقات الدولية
والأمريكية، فإنه يواجه في الصحراء العربية بالموت في كل خطوة يخطوها،
نتيجة سوء فهمه ( ككافر ) للتقاليد العربية الجامدة وتآمر أمراء البدو عليه
من أجل فوز الأحصنة العربية وسط صحراء تحاصرها الحرارة والعواصف وهجمات
أسراب الجراد، وسط هذه الأجواء يتحدث هوبكنز إلى فرسه، وقد أوشك كلاهما على
الاستسلام للموت: «أتذكر فوزنا في سباق ميسوري، جلسنا هناك على هضبة خضراء
وقلت لك يا شريكي، إن كانت هناك جنة على الأرض فهذه هي, لقد وجدناها،
والآن كلانا في جحيم، لكن لم نستطع اجتيازه. ومع حلمه بالجنة الأمريكية
يتحول يأسه إلى تحدٍ عظيم يجتاز به جحيم الصحراء العربية ليهزم الأحصنة
العربية وفرسانها المغاوير.
ونستطيع من خلال قوائم الأفلام التي صوّرت في ورزازات وحدها، أن
نرصد عشرات الأفلام التي كان للصحراء دور محوري في إحداثها، منها - على
سبيل المثال -: «جوهرة النيل » 1985 «الفرقة الأجنبية» 1998، «المومياء»
1999، ««المصارع» 2000, «بابل» 2006, بالإضافة إلى معظم الأفلام الدينية
التي سبق الإشارة إليها. وبعض الأفلام المهمة التي استغلت الأراضي المغربية
لتجسيد أجواء غير عربية مثل: و «كويدون» إخراج مارتين سكورسيزي ، 1997
الفيلم التليفزيوني «كليوباترا» 1999, مسلسل «قدماء المصريين» 2003،
«طروادة» ،2004 إخراج فولفجانج بيترسين، «الكسندر» 2004، إخراج أوليفر
ستون.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire