ظلت المدينة هادئة صباحا. الشوارع تكاد تكون فارغة. السبب إضراب لسائقي سيارات الأجرة الصغيرة، الذين يشتكون مزاحمتهم من طرف سيارات أجرة كبيرة انتقلت من ضواحي المدن إلى قلبورزازات للعمل، بعد تعذر سبل العيش خارج المدينة.
(خارجي -متحف وأستوديو في ورزازات -نهارا) السكون ذاته كان داخل المتحف السينمائي قبالة قصبة تاوريرت. المتحف، من بين الأمكنة الوحيدة والقليلة التي تشهد أن في ورزازات «سينما». وحدَها أصوات عمال بناء ودوي ضرب بمطارقهم على جدران يبنونها تكسر هذا الهدوء الرتيب. حرارة الشمس كانت مزعجة. المتحف يظهر خرِباً من الخارج. دخلنا مقابل 30 درهما. خراب في فناء داخل المتحف. آثار ديكور مدمر نُثرت في أرجاء الفناء. المكان مقفر هنا. ليس هناك عمال. قابض يسلم تذاكر الدخول وحارس هما من يعملان هنا. الحارس يقوم، أيضا، بدور «الدليل» للزوار الذين يزورون المكان.
شمعدان عِبريّ من جبس عند باب المتحف. أحصنة «مُزيَّفة» وبئر في جانبي المدخل، الذي يقود إلى «قاعة عرش الملك سليمان». هكذا كتب في لوحة وضعت وسط ساحة فيها ديكور مبهر، يتوسطها كرسيُّ عرشٍ فخم. كل شيء هنا من جبس وكرتون. تدق بجدار فتسمع صدى يتردد في أرجاء الفضاء الخالي إلا من بضعة زوار يتبادلون الجلوس على كرسي عرس الملك سليمان.. قائمة بالأفلام التي صورت هنا تشير إلى أن غالبيتها كانت في فترة التسعينيات. صوّرَها إيطاليون. أغلبها أفلام تتحدث عن المسيحية وعيسى ومريم ويوسف وأنبياء آخرين. إلى جانب قاعة عرش سليمان، سجن فيه زنازينُ مظلمة من جبس وقضبان خشبية. وحدَها السلاسل، الصدئة، كانت من حديد. سراديب بعضها يقود إلى غرف تصوير مجاورة وأخرى تقود إلى طرق مسدودة وإلى أماكنَ خرِبة. فزع يُثار بين الفينة والأخرى عندما تحلّق، فجأة، حمامات كانت مختبئة في زوايا المتحف، الخرب.
«هنا صُوِّر فيلم «لابيبْل».. هنا صور فيلم عيسى وأورشاليم».. ظل حارس المتحف يردد، مشيرا إلى غرف قاتمة. كانت الساعة تشير إلى الواحدة زوالا. هذا هو موعد إغلاق المتحف. قادنا الحارس إلى قاعة أخرى فسيحة فيها معدات تصوير قديمة. في مدخل القاعة كتاب «ذهبي»، عبارة عن كناش أسود رث خَط فيه زوار بضع كلمات. في القاعة معدات تصوير، كتبت في بعضها «خاص بالمركز السينمائي المغربي». تتفرع القاعة عن غرفة ملابس فيها ثياب رثة استُعمِلت في تصوير أفلام تاريخية. إلى جانبها نبال ورماح ودروع من جلد وحديد وجبس. كان المشهد مبهرا، رغم خلو المكان. «لا يزور المتحف، في أحسن الأحوال، إلا 10 أشخاص خلال اليوم. لم يعُد السياح يزورون المكان. أغلب الزوار «عشاق» يدخلون للاختلاء ببعضهم، لذلك نضطر إلى منعهم»، يقول حارس المتحف ل»المساء»، بنبرة منهكة وعربية مختلطة بالأمازيغية، قبل أن يردف قائلا: «المداخيل قليلة والداخلية هي التي تحصل عليها.. الداخلية هي التي تراقب».
غير بعيد عن المتحف، في ركن قصيّ من ورزازات، توزعت أستديوهات. بدت مهجورة، معزولة، في أماكن مقفرة. في جنابي مدخل إحداها وقف «فرعونان» كبيران. يتطلب دخول الأستيديو الحصول على تذكرة من مستخدمة الاستقبال في فندق تابع للأستوديو. ثمن التذكرة 50 درهما. كانت المستخدمة جالسة أرضا تحت شمس ساخنة، تحادث سيدة أخرى. بدا عليها ضجر. الفندق بدا خاويا. كذلك الأستوديو. في مدخل الأخير، جلس بضعة رجال. هؤلاء دليلو الزوار إلى الأستوديو. تلكؤوا في القيام لمساعدة زوار جدد في اكتشاف معالم المكان. قام أحدهم، على مضض، وأكنه يُجَرّ إلى مكان ملّه. «هنا مُثِّل فيلم كذا.. هنا مُثِّل فيلم كذا سنة..».. ظل يردد الدليل برتابة.
أغلب الديكور في هذا الأستوديو من طين وجبس. بعض أجزاء الديكور انهارت. لا يتم ترميم الديكور، حسب ما أوضحه هذا الدليل. علّق زائر ألماني على هذا المشهد قائلا: «في السنة المقبلة، وبعد سقوط قطرات أمطار.. سيسقط كل هذا».. وافقه الدليل قائلا: «لا يتم ترميم الأستوديو إلا قليلا. ما تره بُني قبل سنوات، وفي ظرف أشهر قليلة لتصوير أفلام. هذه الديكورات كلها بناها حرفيون من أبناء ورزازات. ليس لهؤلاء عمل حاليا. لم تعد تصور أفلام في ورزازات ولم تعد هذه الأستوديوهات تستقطب منتجين أجانب. أعرف تقنيين وصناعَ ديكور عملوا في أفلام كبيرة لكنهم صاروا اليوم عاطلين، بسبب تراجع الإنتاج السينمائي في ورزازات». «لا يبذل أي مجهود لحماية المآثر السينمائية في المدينة. هناك مناطق صورت فيها أفلام ولا تتوفر على طرق، مثل منطقة «فينت»، التي يقود إليها «غودرون». ينطبق الأمر ذاته على قصبة «آيت حدو»، التي صورت فيها أفلام عالمية، مثل «غلادياتور»، وتعد من المآثر المصنفة ضمن التراث الإنساني العالمي، ولكنها غير مجهزة، ويتطلب الوصول إليها المرور عبر طريق صغيرة ومحفرة»، يقول الدليل.
انتهت الجولة سريعا. لم يقو سياح على الوصول إلى ديكورات بعيدة، بسبب عدم وجود سيارات أو وسائل نقل تقلهم. اكتفوا بالنظر من بعيد إلى أطلال «أورشاليم». سكون مطبق يقطعه صهيل خيول في إسطبل، أخبرنا الدليل أنها اقتُنيت ودُربت من أجل استعمالها في أفلام. انتهى الدليل من عمله وعاد إلى مكانه يستظل، قرب رفاقه، من صهد ذلك اليوم الحار.
(داخلي -مقهى في ورزازات -مساءً)، هنا، في إحدى مقاهي ورزازات، التقينا ناصر أوجري، الكاتب العام لجمعية للكومبارس في المدينة. مثّل هذا الرجل في أفلام أجنبية ووطنية عديدة. تجَعّد وجهه. رسم ابتسامة رقيقة على محياه. «ليس هناك عمل في ورزازات حاليا. منذ مدة ونحن عاطلون. لم تُمثَّل أفلام هنا منذ مدة بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية وتفجيرات «أركانة» و»الربيع العربي». كان ريدلي سكوت سيصور فيلما في ورزازات، لكنه أخبر المغاربة عندما جاء إلى مهرجان مراكشفي دورته الأخيرة، أنه لم يستطع المجيء بسبب رفض شركة تأمين أمريكية تؤمّن ممثلين كبار الموافقة على سفر الممثلين إلى المغرب، بسبب التطورات في المنطقة.. لقد أصبح الإنتاج كله يتوجه نحو أمريكا اللاتينية، بسبب ما يحدث في العالم العربي. ليس هناك عمل الآن سوى فيديو كليب سيصور خلال الأيام المقبلة»، كان هذا أول كلام أوجري.
استغرق «شيخ» الكومبارس» في ورزازات في «رواية» تراجُع السينما في ورزازات منذ البدء، منذ ثمانينيات القرن الماضي: «منذ هذه الفترة وحتى سنة 2006، كان العمل متوفرا في ورزازات، كان الإيطاليون يستثمرون في مجال السينما في المدينة. كانت تصور 3 إلى 4 أفلام في العام تقريبا، وأتحدث هنا عن أفلام كبيرة. صُوِّر هنا فيلم «غلادياتور»، الذي عمل فيه 3 آلاف كومبارس، كانوا ينقلونهم بواسطة 40 حافلة، ويعملون مقابل 200 درهم في اليوم»، يضيف أوجري. لم تكن لسكان المنطقة، الذين يعمل أغلبهم «كومبارس»، دراية بالسينما. هذا ما أوضحه أوجري، الذي بدأ في سرد قصص أول الأفلام التي صُوِّرت هنا بطريقة نوستالجية فيها كثير من حنين: «أتذكر أن شخصا كان يعمل في المركز السينمائي المغربي يطلب إلى السلطة المحلية عندما يأتي مخرج أجنبي إلى هنا لتصوير فيلم، أن تجمع الناس للعمل ككومبارس. كان «المقدم» و»الشيخ» يجمعان الناس للعمل في السينما، وبعد العمل، يسلم موظف المركز السينمائي «المقدم» مالا ليسلمه للكومبارس»، يقول أوجري، قبل أن يستطرد: «بعد ذلك، أصبحت شركات الإنتاج هي التي تتكلف بمهمة جمع الكومبارس. اختيار شركات الإنتاج فيه زبونية ومحسوبية، إذ يتم اختيار أشخاص مقربين من المشرفين على هذه الشركات. كان الكومبارس يتقاضون 200 درهم ويعملون من الخامسة صباحا حتى ال12 ليلا».
1500 كومبارس ينتظمون في جمعية الكومبارس في ورزازات. آخرون يعملون بشكل مستقل عن الجمعية. أعداد كبيرة من الناس يعيشون، إذن، من السينما. يطلقون لحى ويُرْخُون شعورهم على الدوام، حتى يجدوا أنفسهم مستعدين عندما يفد مخرج إلى المدينة طالبا ممثلين قانونيين: «هناك ممثلون كثر هنا وبمواصفات متنوعة، إذ يمكن أن تجد وجوها «أوربية» و»سحنات مشرقية» أو إفريقية.. لكن المشكل هو أن هؤلاء الممثلين، الذين راكموا تجارب لطول اشتغالهم في المجال، يتعرضون لاستغلال بشِع من شركات إنتاج، إما بتوظيف أقاربهم وتهميش الممثلين الحقيقيين، وحتى التقنيين الذين يفضل عليهم مسؤولو شركات إنتاج أصدقاءهم وأفراد عائلاتهم، وإما ببخس حقوقهم وعدم تعويضهم وفق المعايير القانونية»، يردف أوجري.
واستطرد محدثنا في تفسير طرُق ما اعتبره «تلاعبا» يكون ضحيتَه ممثلون ثانونيون، إذ أوضح قائلا: «التلاعب الذي يقع هو أن المخرج يختار ممثلا يؤدي دورا في فيلمه، ويلتزم بأن يؤدي 3 آلاف درهم مقابل عمله، وفق ما هو متعارف عليه دوليا، لكن موظفي شركات الإنتاج، والذين يتكلفون بسداد أجرة الكومبارس، يسلموننا فقط 200 درهم عن كل يوم عمل و»يوفرون» لهم المبالغ المتبقية». ما يعتبره الكومبارس، وهو الحلقة الأضعف في سلسلة الإنتاج السينمائي في ورزازات، تلاعبا وهضما لحقوقهم، اضطرهم إلى رص صفوفهم والمطالبة، جهارا، بحقهم، خصوصا بعد انعكاس أزمة الإنتاج السينمائي على المدينة، علما أن العديد منهم ألِفوا الاسترزاق من التمثيل في أفلام تصور هنا: «عقدنا اجتماعات مع العامل والمسؤولين عن السينما في ورزازات وطلبنا منهم تصحيح وضعنا القانوني وضمان استفادتنا من التكوين»، يوضح أوجري.
أسفر «ضغط» كومبارس ورزازات وتقنيوها السينمائيون، الذين وجدوا أنفسهم عاطلين بعد «ربيع» خيّم طويلا على السينما في المدينة عن إحداث لجنة الفيلم، حسب أوجري، والتي بدأت تهتم بالكومبارس: «بدأت اللجنة في استدعاء الكومبارس من المغرب كله وتكوينهم، ولكنْ ما زالت الاستفادة تتم عبر الزبونية والمحسوبية. في بداية العام، كرّموني وأعطوني 3 آلاف درهم.. ولكن ماذا سأفعل ب3 آلاف درهم هاته؟.. نحن نطالب بالتغطية الصحية وبالضمان الاجتماعي.. في عمري 64 سنة وليس لي مدخول قار، فماذا عساي أفعل؟.. في الوقت الذي يعلم الجميع أن كل فيلم أجنبي يُصوَّر في المغرب يؤدي منتجوه الأجانب حقوق التغطية الصحية والضمان الاجتماعي وتعويضات التأمين للمركز السينمائي المغربي، فأين تذهب هذه التعويضات؟ ولماذا لا نستفيد منها؟!».. يتساءل ناصر أوجري.
«نشعر الآن بحدة ضعف الإنتاج السينمائي في المغرب بسبب الاضطرابات القائمة. لكن المركز السينمائي ولجنة الفيلم لم يعرفا كي يسوقان المغرب للمخرجين السينمائيين. ففي الوقت الذي يفترض إيفاد السينمائيين ومهنيي السينما إلى المهرجانات الدولية لاستقطاب المنتجين والمخرجين الأجانب، يتم إرسال إداريين. «ناس السلطة» هنا لا يعترفون بالسينما أو يعرفونها حتى. فحتى المنتخبون ليس لهم اهتمام بهذا المجال»، يقول أوجري، بحرقة، قبل أن يستطرد: «في الوقت الذي عملنا مع مخرجين عرب وسوريين، أمثال حاتم علي، واشتغلنا حتى في أفلام وفيديوكليبات فرنسية، لم نعمل بشكل كبير مع مخرجينا المغاربة، لأنهم لا يأتون إلى ورزازاتلتصوير أفلامهم ويفضلون الاستفادة من أموال الدعم للتصوير في أوربا أو حتى في مدن كالدار البيضاء والرباط لتقليص النفقات وتوفير هامش ربح أكبر»..
«ما الحل في نظرك؟».. سكت أوجري لحظات، قبل أن يجيب: «الحرفيون هم الذين بإمكانهم أن ينقذوا السينما. الأجانب يفضلون التعامل مع الحرفيين وليس مع الإداريين، لذلك يجب إيفاد المهنيين إلى الخارج وليس موظفي المركز السينمائي. يجب على المسؤولين، أيضا، ألا يبخسوا حقوق الممثلين، الذين يعيشون على السينما في ورزازات، وأقدّم لك مثالا هنا وقع قبل سنوات عندما جاء مخرج أجنبي لتصوير فيلم هنا في قصبة تاوريرت. وبعد الانتهاء من التصوير، تبيّنَ أنه وفّر فائضا بقيمة 15 مليون سنتيم سلمها للسلطات من أجل توزعيها على الناس، لكنْ لم يحدث ذلك. هذا المخرج، وهو أمريكي الجنسية، رفض أن يعود إلى المغرب، بعدما تناهى إلى علمه ما وقع»... يعمل أوجري الآن دليلا سياحيا. يستعين في ذلك، حسب قوله، بحفظه كلمات بلغات متفرقة. قادنا إلى قصبة تاوريرت، الأكثر فقرا فيالمدينة، والتي يعمل غالبية أهلها ككومبارس. ترَكَنا أوجري مع «بن لادن»، أشهر كومبارس في المدينة، وانصرف يحضّر لكاستينغ ستقوم به لجنة الفيلم في صباح اليوم الموالي داخل معهد السينما، لإعداد دليل حول الكومابرس في المدينة» النهاية
السينما «تنعش» سوق الدعارة في ورزازات
لا يكاد فيلم سينمائي يخلو من مشهد «جنسي ساخن» لغاية سينمائية. ينطبق الأمر ذاته على بعض الأفلام الأجنبية والوطنية التي تُصوَّر في ورزازات، والتي تتطلب تصوير مَشاهد فيها لحظات حميمية أو نقل وقائع ليالٍ حمراء.
يكون «الكومبارس» الذين يتم استقدامهم لتصوير هذه المَشاهد الجريئة، في الغالب، من عاملات الجنس اللواتي يعشن في ورزازات، وتحديدا في قصبة تاوريرت، أفقر أحياء المدينة.
وبرر مهنيو سينما في ورزازات، التقتهم «المساء»، اعتماد منتجين أجانب ومغاربة على عاهرات لتصوير مَشاهدَ تتطلب جرأة بكون تكلفة ذلك تكون أقل: «في المعايير المتعارَف عليها، فإن أي ممثلة، سواء كان دورها رئيسيا أو ثانويا، يعرض عليها مخرج دورا يتطلب منها تمثيل مشاهد «ساخنة» تطلب مبلغا أكبر. حتى النساء -«الكومبارس» اللواتي يشاركن في تمثيل مَشاهد ذات مضامين جنسية يتقاضين تعويضات أكبر من «الكومابرس» الآخرين. هنا في ورزازات يستعان بفتيات، غالبيتهن عاملات جنس، لتصوير مَشاهد مثيرة مقابل 200 درهم لليوم»، يبرز أحد المهنيين.
200 درهم، إذن، هو المقابل الذي تحصل عليه فتاة مقابل يوم تصوير، حتى لو منها تطلّبَ الأمر المشاركة في مَشاهد ساخنة أو الرقص بملابس مثيرة.. «يصير استغلال عاهرات يقمن في قصبة تاوريرت لتصوير مشاهد من هذا النوع «أبشع»، إذ نعلم أن الكومبارس لا يمكنه أن يمثل، خلال يوم واحد، بأكثر من لباس، إلا أن ممثلات ثانويات يُجبَرن على ارتداء ثلاثة أزياء في اليوم وعلى تمثيل أدوار مختلفة بنفس الأجر الزهيد. لا يوقع معهن مدراء الكاستينغ، الذين يختارون الممثلات الثانويات، عقودا ولا يحترمون حقوق العمل، وتجد هؤلاء أنفسهن «مضطرات»، بسبب قلة فرص العمل، بعد تراجع الإنتاج السينمائي»، يضيف المهني نفسه.
وقد اعترف بواقع استغلال نساء ورزازات لتصوير مَشاهدَ جريئة مقابل تعويض هزيل ناصر أوجري، رئيس جمعية الكومبارس في المدينة، مضيفا أن نسوة يُستغلَلن لتصوير مَشاهد راقصة في فيديوكليبات عربية وأجنبية تُصوَّر في المدينة، «في مقابل تراجع تصوير الأفلام الطويلة في المدينة، يصور ممثلون عرب وأجانب فيديوكليبات. وتتطلب بعض هذه الفيديوكليبات توفير ممثلات ثانويات يقمن بالرقص أو بتصوير مشاهد جريئة. تُختار لهذا الغرض فتيات جميلات مقابل تعويضات ضعيفة»، يوضح أوجري.
ويضحي الاستغلال الجنسي لعاملات في مجال السينما في ورزازات واقعا «مجردا» في أماكن التصوير، حسب ما أفاد به مهنيون، إذ أكد هؤلاء أن منتجين ومخرجين مغاربة وأجانب يقومون باستغلال عاملات تقنيات أو طالبات متدربات مقابل توظيفهن في عمليات إنتاج أفلام: «لا يكون اختيار تقنيات أو متدربات للعمل في مواقع التصوير أحيانا وفق معايير مهنية، إذ يعمد منتجون إلى توظيف فتيات قصد استغلالهن جنسيا.. وهذا الأمر يعرفه الجميع هنا، خاصة طلبة كلية ومعهد السينما. قبل أيام، أخبر منتج مغربي فتاة، خريجة لكلية السينما، أنها ستعمل معه في فيلم ينتجه، وبعدها اتصل بها هاتفيا طالبا منها المبيت معه»!.. يقول أحد طلبة الكلية متعددة التخصصات في ورزازات.
لقد تحولت ورزازات، المدينة الهادئة، بسبب فورة النشاط السينمائي فيها خلال الثمانينيات والتسعينيات. وجعلتها هذه الفورة مركزَ جذب سياح مغاربة وأجانب، بينهم سياح جنسيون. هذا ما يكشف عنه تقرير أمني خاص تتوفر عليه «المساء» يُبيّن أن ورزازات أضحت سادس مدينة في المغرب جذبا للسياح الجنسيين، بنسبة 5 في المائة. ويكون بين هؤلاء السياح عاملون في مجال السينما. وساهم انتشار السياح الجنسيين في ورزازات، الذي يعد أثرا جانبيا للنشاط السينمائي الذي تشهدهالمدينة، في رفع معدلات الإصابة بالسيدا في المدينة وفي جهة سوس ماسة درعة، التي تنتمي إليها، علما أن هذه الجهة هي الأكثر تسجيلا لحالات الإصابة بالسيدا على الصعيد الوطني، وفق آخر إحصاء أعدّته الجمعية المغربية لمحاربة السيدا في سنة 2011.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire