تم إحداث جهة جديدة بالجنوب الشرقي ضمن التقسيم الجهوي الذي أصدرته وزارة الداخلية بناء على توصيات اللجنة الاستشارية للجهوية. و يتعلق الأمر بجهة درعة تافيلالت التي تضم أقاليم ورزازات و زاكورة و تنغير و الراشيدية. مما خلق ارتياحا كبيرا لدى ساكنة و لدى مختلف الفعاليات في هذه المنطقة. لكن مقترح نفس الوزارة الذي يقضي باحتضان مدينة الراشيدية لمركز هذه الجهة أثار استياءا كبيرا في أوساط الشارع الورزازي و نخبه السياسية و الحقوقية و جمعيات المجتمع المدني. و تمخض عن هذا الحراك خلق " تنسيقية الإنصاف من أجل جهوية ديمقراطية " و التي تتبنى برنامجا ترافعيا تسعى من خلاله إلى الدفاع عن إقرار ورزازات مركزا لجهة درعة تافيلالت. لتوضيح سياق إنشاء هذه التنسيقية و مطالبها وكذا موقفها من مقترح وزارة الداخلية حول مركز جهة درعة تافيلالت، أجرت مجلة الموجة حوارا مع السيد سعيد أفروخ، عضو مؤسس في "تنسيقية الإنصاف من أجل جهوية ديمقراطية".
الموجة: هل بإمكانكم التذكير بسياق تشكيل "تنسيقية الإنصاف من أجل جهوية ديمقراطية" و التي تدافع عن إقرار ورزازات كمقر لجهة درعة تافيلالت؟
سعيد أفروخ: بداية أتقدم بالشكر لمجلة الموجة التي تواكب قضايا الشأن المحلي و الجهوي بمنطقة درعة تافيلالت. علاقة بسؤالكم، منذ صدور مقترح وزارة الداخلية حول التقسيم الجهوي و الذي اقترح مدينة الراشيدية كمركز لجهة درعة تافيلالت، عبرت مختلف الفعاليات المحلية جمعيات و نخب سياسية عن استيائها و رفضها لهذا المقترح لعدة اعتبارات. في هذا السياق بادر النسيج الجمعوي بورزازات إلى دعوة العديد من الفعاليات التي تدارست الموضوع بعمق وسجلت رفضها لمقترح الوزارة الوصية. في هذا الإطار، نُظم لقاء بمقر بلدية ورزازات و الذي حضرته تنسيقيات تمثل أقاليم ورزازات و تنغير و زاكورة و تظم رؤساء مجالس جماعية و إقليمية و برلمانيين و جمعيات و هيئات نقابية و حقوقية و إعلامية. كل هذه القوى الحية تُجمع عن استغرابها من إقصاء ورزازات. تمخضت عن هذه التنسيقيات الثلاث "تنسيقية الإنصاف من أجل جهوية ديموقراطية". الهدف هو إقرار ورزازات مركزا للجهة المرتقبة أي درعة تافيلالت. و قد وضعت هذه التسيقية برنامجا ترافعيا حيث أننا ماضون في تفعيله مادام مقترح الجهوية الداعي إلى الراشيدية مركزا لجهة درعة تافيلالت قيد الدراسة. للإشارة قطعنا أشواطا مهمة في هذا البرنامج.
الموجة: ماهي الإعتبارات أو المؤهلات التي ترونها موضوعية و مقنعة و التي ترجح كفة ورزازات لتحظى باحتضان مركز جهة درعة تافيلالت مقارنة مع الراشيدية؟
سعيد أفروخ: بداية دفاعنا عن ورزازات كمركز لجهة درعة تافيلالت ليس بدافع انتمائنا لهذه المدينة أو لدواعي عاطفية. لكن هناك إرث تاريخي و مؤهلات اقتصادية و بنية تحتية تتميز بها منطقة درعة عموما أي ورزازات و زاكورة و تنغير. كما أننا جد فخورين بكون ورزازت تحتضن مشروعا رائدا على الصعيد العالمي في مجال الطاقات المتجددة و تحديدا مركب الطاقة الشمسية "نور". من جهة أخرى تنفرد ورزازات ببنية فندقية مهمة من حيث جودة الخدمات و من حيث الطاقة الإيوائية. إضافة إلى المطار الدولي للمدينة الذي يعتبر قيمة مضافة في مجال النقل الجوي باعتباره يربط منطقة درعة بباقي الجهات الوطنية و الدولية. ناهيك عن بنيات تحتية و مؤسساتية أخرى تشمل مجال التظاهرات و الثقافة كقصر المؤتمرات. و كذا الإدارات الجهوية المتمركزة في المدينة التي تهم قطاع الأمن و القضاء و الفلاحة...كل هذه المؤهلات تعطي لورزازات الأولوية كقاطرة و كمركز لقيادة التنمية بجهة درعة تافيلالت.
الموجة: في نظركم، ماهي إذن المعايير التي تم اعتمادها من لدن المسؤولين المركزيين لاقتراح مدينة الراشيدية كمركز لجهة درعة تافيلالت؟
سعيد أفروخ: نفس التساؤل طرحناه داخل "تنسيقية الانصاف من أجل جهوية ديمقراطية". لقد طالبنا بتوضيح المعايير و الاعتبارات التي اعتمدتها وزارة الداخلية في اقتراح الراشيدية كمركز لجهة درعة تافيلالت. الجميع يعلم أن اللجنة الاستشارية للجهوية تتوفر على جميع المعطيات حول كل إقليم على حدى. إذن يجب ان تكون المعايير شفافة و موضوعية و يتم الإفصاح عنها للرأي العام الوطني و الجهوي. لكن أحقية ورزازات للريادة على مستوى جهة درعة تافيلالت استحقاق تزكيه منطقة درعة بأكملها. وقد أبرزنا هذه النقطة بوضوح في المذكرة الترافعية التي قدمناها للجهات المعنية بملف الجهوية أثناء تواجدنا بالرباط.
الموجة: علاقة بالبرنامج الترافعي ل " تنسيقية الانصاف من أجل جهوية ديمقراطية"، ما هي نتائج التقاءكم بالمسؤولين بالرباط و أصداء الندوة الصحفية التي عقدتموها بالعاصمة؟
سعيد أفروخ: قبل مرحلة الرباط، قمنا بتوجيه العديد من المراسلات للمسؤولين المعنيين. هدفنا هو التجاوب مع ملفنا من طرف الجهات المعنية. الوفد الذي حل بالرباط يمثل "تنسيقية الانصاف من أجل جهوية ديمقراطية". وفي هذا الإطار سلمنا المذكرة الترافعية لرئاسة الحكومة و وزارة الداخلية و جميع الفرق الممثلة في البرلمان و الأحزاب السياسية و المجلس الوطني لحقوق الإنسان و المجلس البيئي و الاجتماعي و الاقتصادي...و قد أوضحنا تشبتنا بدرعة تافيلالت كجهة قائمة بحد ذاتها. و هو ما دافعت عنه الأنسجة الجمعوية لأقاليم ورزازات و زاكورة و تنغير و الراشيدية في إطار مشاركتها المتميزة في اللقاءات التشاورية التي أشرفت عليها اللجنة الاستشارية للجهوية.
لكننا نطالب بتصحيح الخلل و إحقاق الحق بإقرار ورزازات مركزا لجهة درعة تافيلالت. كما عقدنا ندوة صحفية بالرباط حظيت بتغطية قوية جدا من طرف منابر إعلامية وطنية مرئية و مسموعة و مكتوبة باعتبار أن مطلبنا يجسد نبض ساكنة منطقة درعة بمختلف مكوناتها. إذن أمامنا برنامج ترافعي مكثف و نحن عازمون على المضي في تفعيله مقتنعين بمشروعية الهدف الذي نناضل من أجله.
للإشارة الكل على المستوى المركزي يقر بدور منطقة درعة تافيلالت و بأحقية ورزازات لتحظى بمركز هذه الجهة.
الموجة: في نظركم، هل يتحمل الفاعلون المحليون السياسيون على وجه الخصوص جزءا من المسؤولية في عدم اقتراح ورزازات مركزا لجهة درعة تافيلالت إن على مستوى الترافع عن المدينة أثناء مرحلة اشتغال اللجنة الاستشارية للجهوية أو عموما في تسويق مؤهلات المدينة بل و تنميتها في مختلف المجالات؟
سعيد أفروخ: ربّ ضارة نافعة. فمن إيجابيات ملف الجهوية هذا هو خلق إجماع و لأول مرة حول أحقية ورزازات لاحتضان مركز جهة درعة تافيلالت. الكل التأم حول هذا المطلب المشروع من نخب سياسية و أحزاب و مجتمع مدني و ساكنة... أكيد أنه تم تسجيل مؤاخذات و انتقادات عديدة. لكننا اليوم مطالبون بخلق إجماع حول الملفات المطلبية المتعلقة بتنمية منطقتنا التي تعاني من الإقصاء في المجال الصحي و التعليمي و البنيات التحتية... علينا إذن أن نضع الحسابات السياسوية الضيقة جانبا و ننكبّ على دراسة السبل الكفيلة للنهوض بمنطقتنا. فأقاليم ورزازات و زاكورة و تنغير و الراشيدية كلها تعاني من التهميش.
الموجة: ألا ترون أن هذا التجاذب بين ورزازات و الراشيدية حول المدينة التي لها أحقية الظفر بمركز جهة درعة تافيلات سيؤدي إلى النفق المسدود؟ أليست هناك حلول بديلة لهذه المواجهة بين المدينتين؟
سعيد أفروخ: أولا لا بد أن أشير إلى أنه ليست هناك مواجهة أو صراع بين ورزازات و الراشيدية. فعلاقتنا بإخواننا في الراشيدية طيبة جدا. وقد سبق أن اشتغلنا جميعا في إطار دينامية المجتمع المدني حول ملف الجهوية. نحن نطالب فقط بضرورة أن تكون المعايير موضوعية ومُنصفة في مسألة تحديد المدينة الأولى بمركز جهة درعة تافيلالت. و نعلم أن الجميع يقر بالأشواط التي قطعتها ورزازات والتي تبوؤها مكانة جد متقدمة على المستوى الجهوي.
كما أود أن أصحح موقف من يدّعي أن الراشيدية لها لوبي قوي حسم لفائدتها في مسألة اقتراحها مركزا لجهة درعة تافيلالت. لو كان ذلك صحيحا، لسهر هذا اللوبي على تحقيق تنمية شاملة و مستدامة لمنطقة الراشيدية و ليس أن يكون ضاغطا في قرارات ظرفية. إذن هذا الطرح مجرد ادعاء لا أساس له من الصحة.
من جهة أخرى، كل طرف ينظر إلى ملف التنمية بالمنطقة من منظوره الخاص. و الآراء كلها تُحترم. القرار النهائي بين أيدي وزارة الداخلية و النخب السياسية. مادام الملف هو بمثابة مقترح فقط، نتمنى أن تكون لدى وزارة الداخلية الجرأة لمراجعة هذا المشروع و منح ورزازات فرصة لعب دور ريادي في تحقيق تنمية جهة درعة تافيلالت.
يجب أن لا ننسى أن المحك الحقيقي هو مابعد تنزيل الجهوية. أمامنا مشوار صعب جدا لتعويض عقود من الخصاص في مجال التنمية و رفع التحديات الراهنة نظرا للتهميش و الإقصاء الذي لحق منطقة درعة تافيلالت عموما. فجهتنا تحتاج لجبر الضرر الجماعي و تمييز إيجابي يمكنها من اللحاق بباقي جهات المملكة في مجال البنيات التحتية و التنمية المجالية.